اخر الاخبار

LightBlog

الأحد، 11 نوفمبر 2018

الـقـائـد الـراحـل حـافـظ الأسـد طـيـاراً ..

الـقـائـد الـراحـل حـافـظ الأسـد طـيـاراً ..
حين دخل الأسد الكلية العسكرية بحمص سنة 1952 كان واحداً من دفعة مكونة من تسعين طالباً، و هناك التقى و صادق مصطفى طلاس وقد أصبح حليفهُ و مساعده المخلص.

كان طلاس، مثل الأسد، طالباً بعثيأ برز كقائد كشفي في الحزب. وكانت صداقتها تعبيراً عن تجاوز الخط الطائفي في التحالفات.
و مما دفع بالأسد في آخر الأمر إلى القوات الملحة رغبته في أن يطير. و لكن القوة الجوية التي اراد الانضمام إليها كانت لا تزال في طفولتها كالجيش نفسه.

و لم تكن هناك كلية للقوة الجوية، بل مجرد مدرسة للطيران في حلبنُقل إليها عدد قليل من طلاب الكلية الحربية بحمص بعد اجتياز فحص طبي. و كان الأسد واحداً من خمسة عشر طالباً تم اختيارهم في 1953 و يتذكره أحد مدربيه،و هو فؤاد كلاس، بأنه: " كان حريصاً عل أن يتعلم، و مستعداً لأن يتقاسم كل ما لديه مع زملائه المتدربين ".

 و قد دفعته استقامته و فخره إلى الإشارة إلى انتمائه لحزب البعث في الطلبات الرسمية التي ملأها فهو يقول : ((بعدأن كنت رئيساً لاتحاد الطلاب فقد أصبح من المستحيل أن أخفي ذلك )) و الواقع انه كان من التهور بمكان أن يكشف طالب الكلية العسكرية، و سوريا تحت حكم أديب الشيشكلي، عن انتمائه الحزبي .

و في ذلك العام تم تحويل مدرسة الطيران التي انتسب إليها الأسد إلى كلية و تمت صياغة برنامج خاص لها. و بما انه لم يكن هناك طلاب سابقون في المدرسة فقد وجد الطلاب القلائل الذين التحقوا بها انفسهم في كلية جديدة ليس فيها متقدمون يضايقونهم، كما أنه كان فيها مدربون حائرون لا يعرفون تماماً ما سيفعلون: هل يعطون لطلابهم دروساً في الطيران فقط؟ أم تدريباً عسكرياً اساسياً؟ و هل من الواجب أن ينضم إلى الأساتذة و المدربين ضباط من المشاة؟  ألا يمكن ان تؤدي ساعات التدريب على الجري في الريف مع حمولة ثقيلة على الظهر إلى الأضرار بقدرة الطلبة على الطيران؟ و كم ساعة طيران يجب ان يمارس الطاب قبل تخرجه؟ و قد تقرر آخر الأمر ان الطلاب يجب أن يتلقوا تدريباً عسكرياً بالاضافة إلى تعلم الطيران و لم يكن هناك شك في الجانب الذي كان الأسد يفضله " فقد كانت أيام تعلم الطيران شبيهة بالعطلات عندما تقارن بالتدريب العسكري".

و نظراً لصغر حجم الدفعة المكونة من خمسة عشر طالباً، و لروح الزمالة و الحياة العفوية فإن السنوات التي قضاها الأسد في حلب كانت سعيدة جدأ، و كان هناك تنافس حامي الوطيس بين المتدربين، سواء في الصف الدراسي أو في الجو. و كان الأسد على راس القائمة في السنتين الأوليين، و حصل عند التخرج على جائزة تذكارية لاتقانه حركات الطيران البهلوانية كان يجد حرية مطلقة عند
التحليق في الجو أكثر مما كان يتمتع به الطلبة الطيارون الذين جاءوا فيما بعد .

و يتذكر الأسد قائلا : " الحق اننا لم نتقيد كثيراً بالقواعد و التعليمات،و كانت تلك القواعد و التعليمات نفسها فضفاضة و غير صارمة . و كانت التقنية بدائية كذلك . كنا نقلع منطلقين، و بما انه لم يكن لدينا رادار أو مراقبة أرضية، فلم يكن احد يعرف اين كنّا ".

و في تلك الظروف كان من الصعب مقاومة إغراء التوجه نحو الأهل و الأصدقاء للتشاوف أمامهم فلم لا يضيف المرء حركة
استعراضية بطائرته فوق قريته؟ . و هكذا حلق بطائرته التدريبية ذات المحرك فوق قريته عدة مرات كانت من نوع تشيمانكس في السنة الأولى و هارفارد في السنة الثانية ليحوم بها فوق القرداحة و يلوح لأصدقائه فيها ثم ليجد نسفه فوق الابيض المتوسط ٠

و لكن الطيار الشاب كاد يتعرض لكارثة. فعشية تخرجه1955 نجا من الموت بأعجوبة . كان الطلاب يَجرون بروفة استعراض الطيران الذي سيقومون به، و كان من المفروض أن يمر تشكيلان من أربع طائرات ثم يهبطون بالدور. و انعطف التشكيل القائد الذي كان فيه الأسد ليسمح للطائرات التي بعده بالمجيء، فدخل غيمة كثيفة فوق حلب. و كان التحليق داخل الغيم يتطلب تدريباً لم يكن قد حصل عليه . و لكن كان يعلم انه عندما يطير طيراناً أعمى فيجب أن لا يثق بحواسه، بل عليه أن يراقب ادواته. و هكذا لاحظ انه يفقد السرعة، ففتح الصمام الخانق، و لكنه - لدهشته - وجد اًن عداد السرعة استمر بالهبوط و كان معنى ذلك أن المحرك سيتوقف في اية لحظة فتنهار الطائرة و تتحطم .
 و لاحظ أن المحرك يهتز بطريقة غريبة و شعر ان التراب يتساقط في عينيه. و عندئذ فقط أدرك أنه كان يطير بالمقلوب، و عندما خرج من الغيمة وجد انه يتجه بالطائرة نحو الأرض مباشرة : " و في اللحظة المناسبة تمكنتُ من الصعود نحو السلامة، و طائرتي تحتك بقمم أشجار الزيتون. و تساءل رفاقي الذين كانوا يراقبونني فلقد ظنوا أني كنت أقوم العاب، و الواقع إنني لم أكن ألعب " . وفي اليوم التالي تخرج الأسد ضابطاً طيارأ و نال كأس فوزه بالحركات البهلوانية الجوية ٠

من كتاب باتريك سيل / الأسد الصراع على الشرق الأوسط /.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox